فإن قلت: فأي فائدة في قوله: ﴿إِلَيْهِمْ﴾؟ قلت: فيه أنه لو خرج، ولم يكن خروجه إليهم ولأجلهم، للزمهم أن يصبروا إلى أن يعلموا أنّ خروجه إليهم.
﴿لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾: في «كان»: إما ضمير فاعل الفعل المضمر بعد "لو"، وإما ضمير مصدر ﴿صَبَرُوا﴾، كقولهم: من كذب كان شرًّا له، ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ بليغ الغفران والرحمة واسعهما، فلن يضيق غفرانه ورحمته عن هؤلاء إن تابوا وأنابوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقوله: ﴿حَتَّى تَخْرُجُ﴾ يدل على أنه لا غاية لخيرية صبرهم قبل الخروج، فليس لهم أن يقطعوا أمرًا قبل الانتهاء إليه، وإلا لانتهت الخيرية لغاية قبل الخروج، ولا يلزم ذلك في "إلى".
وكان الأولى أن يقول: إن "حتى" تفيد أنه لا تنتهي خيرية صبرهم بعد الخروج أيضًا، فكما أن حكم الأكل يشمل الرأس، فحكم خيرية الصبر يشمل زمان الخروج أيضًا، فيكون أبلغ، ولو قال: "إلى" لم يلزم، لأن ما بعد "إلى" لا يلزم دخوله في حكم ما قلبه، والله أعلم". تم كلامه.
قوله: (وإما ضمير مصدر ﴿صَبَرُوا﴾): قال القاضي: "المعنى: لكان الصبر خيرًا لهم من الاستعجال، لما فيه من حفظ الأدب، وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، الموجبين للثناء والثواب والإسعاف بالمسؤول".
قال الواحدي: "قدم بنو تمتم على النبي ﷺ لفداء ذراريهم التي سبيت، وقال مقاتل: يعني ب"الخير": أنهم لو صبروا لخلي سبيلهم بغير فداء، فلما نادوه أعتق نصف ذراريهم وفادى نصفهم، يقول الله عز وجل: ولو صبروا لكنت تعتق كلهم".


الصفحة التالية
Icon