ولكن متصلًا بما قبله حالًا من أحد الضميرين في ﴿فِيكُمْ﴾؛ المستتر المرفوع، أو البارز المجرور، وكلاهما مذهب سديد. والمعنى: أن فيكم رسول الله على حالة يجب عليكم تغييرها، أو: أنتم على حالة يجب عليكم تغييرها، وهي أنكم تحاولون منه أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعنّ لكم من رأي واستصواب، فعل المطواع لغيره التابع له فيما يرتئيه، المحتذي على أمثلته، ولو فعل ذلك ﴿لَعَنِتُّمْ﴾، أي: لوقعتم في العنت والهلاك، يقال: فلان يتعنت فلانًا، أي: يطلب ما يؤدّيه إلى الهلاك، وقد أعنت العظم: إذا هيض بعد الجبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائغ، ولا يعمل بهوى كل مبطل، فاقتدوا به في ذلك، فاتجه لهم أن يسألوا: لم كان ذلك فقيل: لو يطيع بعضًا منكم في كثير من الأمر لعنتم، ثم قال للبعض الآخر: ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾.
ويؤيده ما قال الواحدي: " ﴿أَن تُصِيبُوا﴾ أي: لئلا تصيبوا ﴿قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، ثم وعظهم فقال: ﴿واعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾، أي: اتقوا أن تكذبوه وتقولوا باطلًا، فإن الله يخبره به، فتفضحوا. ثم قال: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ﴾ مما تخبرونه فيه بالباطل، لوقعتم في الإثم والهلاك، ثم خاطب المؤمنين الذين لا يكذبون، فقال: ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾ ".
قوله: (فيما يرتئيه المحتذي): أي: يراه المقتدي لنفسه، قيل: يقال: ارتأى فلان، أي: رأى رأيا لنفسه، مثل: استوى: أخذ السواء لنفسه.
الأساس: "وارتأى في الأمر، وارتأيت رأيًا في كذا، والرأي: ما ارتأى فلان، وفلان يتراءى برأي فلان: يميل إلى رأيه، ويأخذ به، واسترأيته: طلبت منه رأيه".
قوله: (إذا هيض بعد الجبر): وروي عن المصنف أنه قال: هذا يكون أشد من الكسر، وقد روي أن الحجاج جنس يريد بن المهلب، وكان يعذبه بأنواع العذاب، وكان لا يسمع له


الصفحة التالية
Icon