وعن السدي: ﴿ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ﴾ ما يموت فيدفن في الأرض منهم، ﴿كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ محفوظ من الشياطين ومن التغير، وهو اللوح المحفوظ، أو حافظ لما أودعه وكتب فيه.
[﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ ٥]
﴿بَلْ كَذَّبُوا﴾ إضراب أتبع الإضراب الأوّل، للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم، وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوّة الثابتة بالمعجزات في أوّل وهلة من غير تفكر ولا تدبر،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بما هو أفظع من تعجبهم): أشار إلى أن في الكلام ترقيًا من الأدنى إلى الأغلظ، وذلك أنه تعالى لما تضمن قوله: ﴿مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ﴾ معنى المنذر به والرسول، وعول على أحدهما، وقدمه على الآخر، ورده أبلغ رد، جاء بالآخر، وأضرب عما أثبت من تعجبهم بما هو أفظع من ذلك الإضراب؛ لكونه أنكر من الأول.
ويمكن أن يقال: أن المراد بـ"لحق" كما قال بعده: "الإخبار بالبعث"، فيكون المضرب عنه قوله: ﴿فَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾، أي: دع قولهم ذلك، فإن هاهنا ما هو أفظع منه، وهو تكذيبهم الحق الذي ما خلق السماوات والأرض إلا له، وهو جزاء المكلفين على أعمالهم، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ إلى قوله: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ [يونس: ٤].
ويعضده تعقيبه بقوله: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ إلى قوله: ﴿كَذَلِكَ الخُرُوجُ﴾.
ويجوز أن يكون المراد ب"الحق": القرآن، ويكون المضرب عنه ﴿ق والْقُرْآنِ المَجِيدِ﴾. قوله: (في أول وهلة): النهاية: "في أول شيء، والوهلة: المرة من الفزع، أي: لقيته أول فزعتها بلقاء إنسان"، هذه الوهلة مستفادة من كلمة ﴿لَمَّا﴾.