أي: ما تجعله موسوسًا، و ﴿مَا﴾ مصدرية، لأنهم يقولون: حدّث نفسه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسه، قال:
وأكذب النّفس إذا حدّثتها
﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾ مجاز، والمراد: قرب علمه منه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: ما تجعله_ يعني: ما تجعل نفسه_ موسوسًا): أي: ويعلم الله جعل النفس الإنسان موسوسًا. "ما": على الأول: موصولة، والضمير في ﴿بِهِ﴾ راجع إلى "ما"، أي الشيء الذي توسوس به نفسه، وعلى الثاني: مصدر، والضمير في ﴿بِهِ﴾ للإنسان.
وفي نسخة: "موسوسًا" بفتح الواو، أي: موسوسًا به، فحذف "به".
قوله: (لأنهم يقولون: حدث نفسه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسه): وهو نعليل لتصحيح القول بأن الضمير للإنسان، فجعل الإنسان مع نفسه_ أي: ذاته_ شخصين تجري بينهما مكالمة ومحادثة، تارة هو يحدثها، وأخرى هي تحدثه.
قال في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩]: "وأن يراد حقيقة المخادعة، أي: وهم في ذلم يخدعون أنفسهم حيث يمنونها الأباطيل، ويكذبونها فيما يحدثونها به، وأنفسهم كذلك تمنيهم وتحدثم بالأماني"، وقال في آخر: "المراد بالأنفس: ذواتهم".
قوله: (واكذب النفس إذا حدثتها): تمامه:
إن صدق النفس يزري بالأمل
قال الميداني: "المعنى: لا تحدث نفسك بأنك لا تظفر، فإن ذلك يثبطك".