لعله يسبح أو يستغفر»، وقيل: إنّ الملائكة يجتنبون الإنسان عند غائطه وعند جماعه.
وقرئ: "ما يلفظ" على البناء للمفعول.
[﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ ١٩ - ٢٢]
لما ذكر إنكارهم البعث، واحتج عليهم بوصف قدرته وعلمه، أعلمهم أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لما ذكر إنكارهم البعث، واحتج عليهم بوصف قدرته وعلمه، أعلمهم): بيان لنظم الآية، وأن قوله: ﴿وجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ﴾ متصل بمفتتح السورة، و"الإنكار": هو قولهم: ﴿أَئِذَا مِتْنَا وكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾، و"الوصف بالعلم": في موضعين:
أحدهما: قوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ﴾، أي: لا تخفى علينا أجزاؤهم المتفرقة المتلاشية في تخوم الأرضين، ردًا لقولهم: ﴿أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾، وأما قوله: ﴿وعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾ فتأكيد له، أي: عندنا تفاصيل تلك الأجزاء جزءًا فجزءًا، شيئًا فشيئًا، نعلمه كما يعلم من يكون عنده كتاب ينظر إليه ويحفظه بتفاصيله، حرفًا حرفًا، بابًا بابًا؛ تقريبًا لكم.
وثانيها قوله: ﴿ونَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ إلى آخر الآيات، وإثباته على طريق يعلم منه تفاصيل أفعال المكلف وأواله، كما أن إثبات الأول لتفاصيل أجزائه وأعضائه، وإنما أخر هذا النوع من العلم ليتخلص منه إلى أحوال انتقاله من هذه الدار إلى الأخرى.
وأما "إثبات القدرة": فكما سبق على نوعين: آفاقي، وإليه الإشارة بقوله: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ﴾، أو أنفسي، وهو المراد من قوله: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ﴾، وقد سبق مرارًا أن إثبات الحشر والنشر إنما يتم ويتمشى إذا ثبت أنه تعالى عالم بكل المعلومات، وقادر على كل المقدورات، ويخبر عنه الصادق. ما أحسن هذا النظم.