[﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ﴾ ٢٥]
يقال: قبلت منه الشيء، وقبلته عنه؛ فمعنى قبلته منه: أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ومنشأه، ومعنى "قبلته عنه": عزلته عنه وأبنته عنه. والتوبة: أن يرجع عن القبيح والإخلال بالواجب؛ بالندم عليهما والعزم على أن لا يعاود، لأنّ المرجوع عنه قبيح وإخلال بالواجب، وإن كان فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وروى محيي السنة عن الكسائي نحو ما ذكره المصنف، ومما يقوي أنه مرفوع: عطف قوله: ﴿ويُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ عليه، وهو مرفوع.
قوله: (والعزم على أن لا يعاود، لأن المرجوع عنه قبيح وإخلال بالواجب): أي: يجعلهما غرضًا في عدم المعاودة.
قوله: (وإن كان فيه): أي: في المرجوع عنه أو الواجب (لعبد حق: لم يكن بد من التفصي على طريقه): قيل: في قوله: "لأن المرجوع عنه قبيح وإخلال بالواجب"ن وقوله: "أن يرجع عن القبيح": إشارة إلى مذهبه؛ لأن أكثرهم قالوا: التوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار على البعض غير صحيحة، قال أبو هاشم: لو تاب عن ذلك القبيح لكونه قبيحًا وجب أن يتوب عن كل القبائح، وإن تاب عنه لا لمجرد قبحه، بل لغرض آخر لم تصح توبته. وعند أهل السنة: التوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار على البعض صحيحة.
وقال الشيخ أبو عبد الله الأنصاري: "التوبة ثلاثة أشياء: الندم والاعتذار والإقلاع".
وقلت: الندم: إنما يكون على ما فات في الزمان الماضي، فيرجع عنه بالقلب، لأن التوبة سعي من مساعي القلب، وهو تنزيهه عن القبائح، وإليه الإشارة بقوله: "أن يرجع عن القبيح والإخلال بالواجب بالندم عليهما".