وسؤال جهنم وجوابها: من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب وتثبيته، وفيه معنيان: أحدهما: أنها تمتلئ مع اتساعها وتباعد أطرافها حتى لا يسعها شيء، ولا يزاد على امتلائها، لقوله: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [السجدة: ١٣]. والثاني: أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها، وفيها موضع للمزيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وسؤال جهنم وجوابها: من باب التخييل): الانتصاف: " تقدم إنكار لفظ "التخييل" في قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر: ٦٧]، وها هنا أولى، فإن تلك الآيات لا بد من حملها على المجاز، والمنكر لفظ التخييل الذي استعمل في الباطل، كقوله: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه: ٦٦]، وها هنا سؤال جهنم وجوابها حقيقة، كما ورد: "تحاجت الجنة والنار"، و"اشتكت النار إلى ربها"، ولا مانع من ذلك، فقد سبح الحصى، وسلم الحجر على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فتح باب المجاز فيه لاتسع الخرق، بخلاف الآيات الواردة في الصفات".
وقلت: هذا هو الحق الذي لا محيد عنه، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي عن أنس عن النبي ﷺ قال: "لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العرش_ وفي رواية: رب العزة_ فيها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط، بعزتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله خلقًا، فيسكنهم فضل الجنة".
وعنهم عن أبي هريرة قال: "اختصمت الجنة والنار، فقالت الجنة: يا رب، ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، فقال للجنة:


الصفحة التالية
Icon