اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [الأعراف: ٧٥]، و ﴿هَذَا﴾ إشارة إلى الثواب، أو إلى مصدر "أزلفت"، و"الأوّاب": الرجاع إلى ذكر الله تعالى، و"الحفيظ": الحافظ لحدوده.
و﴿مَنْ خَشِيَ﴾ بدل بعد بدل تابع لـ"كل"، ويجوز أن يكون بدلًا عن موصوف ﴿أوّابٍ﴾ و ﴿حَفِيظٍ﴾، ولا يجوز أن يكون في حكم ﴿أَوَّابٍ﴾ و ﴿حَفِيظٍ﴾، لأنّ "مِنْ" لا يوصف به، ولا يوصف من بين الموصولات إلا بـ"الذي" وحده، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره: يقال لهم: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾، لأنّ "مَنْ" في معنى الجمع، ويجوز أن يكون منادى؛ كقولهم: من لا يزال محسنًا أحسن إليّ، وحذف حرف النداء للتقريب.
﴿بِالْغَيْبِ﴾ حال من المفعول، أي: خشيه وهو غائب لم يعرفه وكونه معاقبًا إلا بطريق الاستدلال، أو صفة لمصدر ﴿خَشِيَ﴾، أي: خشيه خشية ملتبسة بالغيب، حيث خشي عقابه وهو غائب، أو خشيه بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه، وقيل: في الخلوة حيث لا يراه أحد.
فإن قلت: كيف قرن بالخشية اسمه الدال على سعة الرحمة؟ قلت: للثناء البليغ على الخاشي، وهو خشيته، مع علمه أنه الواسع الرحمة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا يجوز أن يكون في حكم ﴿أَوَّابٍ﴾ و ﴿حَفِيظٍ﴾): يعني: لو كان في حكم ﴿أَوَّابٍ﴾ و ﴿حَفِيظٍ﴾، وهما صفتان لموصوف محذوف، لزم أن تكون "من" صفة، و"من" لا تكون صفة.
قوله: (للتقريب): أي: لأنه منادى قريب، كما قال في قوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ [يوسف: ٢٩].
قوله: (للثناء البليغ على الخاشي): أي: وصفهم بالحزم الشديد، لأن صفة الرحمانية تقتضي تعليق الرجاء العظيم بها، وهم ما اغتروا، بل علقوا الخشية بها، كقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: ٣٣، وفاطر: ٥]، ومنه ما يحكى أن كثيرًا لما مدح عبد الملك بقوله: