ومعناه: لمن ألقى غيره السمع، وفتح له أذنه فحسب، ولم يحضر ذهنه، وهو حاضر الذهن متفطن. وقيل: ألقي سمعه أو السمع منه.
[﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ * وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ﴾ ٣٨ - ٤٣]
اللغوب: الإعياء، وقرئ بالفتح؛ بزنة: القبول والولوع، قيل: نزلت في اليهود -لعنت- تكذيبًا لقولهم: خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، أوّلها الأحد، وآخرها الجمعة، واستراح يوم السبت، واستلقى على العرش. وقالوا: إنّ الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود، ومنهم أخذ.
﴿فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ أي: اليهود، ويأتون به من الكفر والتشبيه. وقيل: فاصبر على ما يقول المشركون من إنكارهم البعث؛ فإنّ من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم. وقيل: هي منسوخة بآية السيف. وقيل: الصبر مأمور به في كل حال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: حاصل قول المصنف: أن "ألقي": إما أن يقدر له الموصول ليعطف على الموصول، فيكون المعنى: أن في ذلك لتذكرة لمن كان له قلب، أو لمن ألقى غيره من الناس أسماعهم للقرآن، ولم يحصروا أذهانهم، والحال أن هذا المتذكر وحده متفطن متيقظ حاضر الذهن، أو لا يقدر؛ فيعطف "أو ألقي" على الصلة، فيكون المعنى: ألقي سمعه أو السمع منه.
وفيه تعريض بالمنافقين؛ روى الواحدي عن ابن عباس أنه قال: "كان المنافقون يجلسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يخرجون، فيقولون: ماذا قال آنفًا، وقال: ليس معهم قلوبهم".


الصفحة التالية
Icon