﴿كَذلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ﴾ أي: مثل ذلك الوحي، أو مثل ذلك الكتاب يوحى إليك وإلى الرسل، ﴿مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ﴾ يعني: أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور، وأوحاه من قبلك إلى رسله، على معنى: أن الله تعالى كرر هذه المعاني في القرآن وفي جميع الكتب السماوية، لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده من الأوّلين والآخرين، ولم يقل: "أوحي إليك"، ولكن على لفظ المضارع، ليدل على أن إيحاء مثله عادته.
وقرئ: "يوحى إليك"، على البناء للمفعول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت أسماء الله تعالى لما جاز تغيير شيء منها، وأما نحو: جبرائيل وميكائيل، فإنها أسماء أعجمية، فبعدت عن كلامهم، فاجترأت عليها، وتلعبت بها، وكان ابن عباس أيضًا يقرؤها كذلك".
قوله: (أي: مثل ذلك الوحي، أو مثل ذلك الكتاب): والأول على أن يكون مفعولًا مطلقًا، أي: يوحي إليك مثل ذلك الوحي، والثاني على أن يكون مفعولًا به، والمشار إليه: ﴿حم * عسق﴾، لأنه اسم للسورة، ولذلك قال: "إن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور".
قال أبو البقاء: "وفيه وجهان: أحدهما: أن ﴿كَذَلِكَ﴾ مبتدأ، و ﴿يُوحِي﴾ الخبر. والثاني: أن يكون ﴿كَذَلِكَ﴾ نعتًا لمصدر محذوف، أي: وحيًا مثل ذلك".
قوله: (على لفظ المضارع؛ ليدل على أن إيحاء مثله عادته): أشار إلى أن دلالته للاستمرار، فهو على منوال قوله: "فلان يقري ويحمي الحريم"؛ في مقام المدح، أراد: أن ذلك دأبه وعادته، لا الإخبار.
قوله: (وقرئ: "يوحي إليك" على البناء للمفعول): قرأها ابن كثير، والباقون: على البناء للفاعل.