في مصاحف أهل العراق: ﴿فَبِما كَسَبَتْ﴾ بإثبات الفاء على تضمين «ما» معنى الشرط، وفي مصاحف أهل المدينة: «بما كسبت» بغير فاء، على أنّ «ما» مبتدأة، و"بما كسبت" خبرها من غير تضمين معنى الشرط، والآية مخصوصة بالمجرمين، ولا يمتنع أن يستوفي الله بعض عقاب المجرم ويعفو عن بعض، فأمّا من لا جرم له؛ كالأنبياء والأطفال والمجانين، فهؤلاء إذا أصابهم شيء من ألم أو غيره، فللعوض الموفى والمصلحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و"من" -في "منها"-: تجريدية، نحو: هيجت من فلان أسدًا، جرد الشاعر من الناقة شيئًا يسمى ناشطًا مذعورًا. والبيت لكعب بن زهير.
قوله: (في مصاحف أهل العراق: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ﴾): قال صاحب "التيسير": "قرأ نافع وابن عامر: "بما كسبت أيديكم" بغير فاء، والباقون: ﴿فَبِمَا﴾ "، قال الزجاج: "بالفاء أجود للمجازاة"، قال أبو البقاء: "من حذف الفاء حمله على قوله: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١] "، ثم قال: "حذف الفاء من الجواب حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي"، ويجوز أ، تجعل "ما" بمعنى "الذي" في هذا المذهب، وفيه ضعف.
قوله: (فأما من لا جزم له كالأنبياء) إلى آخره: على تقدير سؤال، أي: إذا كانت الآية مخصوصة بالمجرمين، وأن ما أصابهم من مصيبة فبما كسبت أيديهم، فما لنا نرى الأنبياء والأطفال تصيبهم مصائب ولا جرم لهم؟ فأجاب: أن ذلك لأجل الأعواض، أي: يعوضهم في الآخرة العوض التام، أو يكون بناء لمصالح دينية، على ما عرف من مذهبه.