﴿الْمُبِينِ﴾ البين للذين أنزل عليهم، لأنه بلغتهم وأساليبهم، وقيل: الواضح للمتدبرين، وقيل: ﴿الْمُبِينِ﴾ الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة، وأبان ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الديانة.
﴿جَعَلْناهُ﴾ بمعنى: صيرناه؛ معدّى إلى مفعولين، أو بمعنى: خلقناه؛ معدّى إلى واحد، كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ {[الأنعام: ١]، و {قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ حال، و"لعلّ" مستعار لمعنى الإرادة؛ لتلاحظ معناها ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربيًا غير عجمي إرادة أن تعقله العرب، ولئلا يقولوا: لولا فصلت آياته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعني: قوله: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣] ".
قوله: (أو بمعنى: خلقناه): هذا التفسير يأباه ما ذهب إليه من تعظيم الكتاب، وقوله: "مقسمًا به وعليه"؛ لأنه من سمات النقص، ومن وصفه بقوله: ﴿لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾، روى محيي السنة: "قد مضى سلف هذه الأمة وعلماء السنة على أن القرآن كلام الله ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق، والقول بخلق القرآن ضلالة وبدعة لم يتكلم به أحد في عهد الصحابة والتابعين، وعن جعفر الصادق: أنه سئل عن القرآن فقال: أقول فيه ما يقول أبي وجدي: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله تعالى".
قوله: (و"لعل" مستعار بمعنى الإرادة): الانتصاف: "الصحيح أن معناه: لتكونوا بحيث يرجى منكم التعقل، وهو تأويل مطرد، قال سيبويه".