﴿وأَكْدَى﴾ قطع عطيته وأمسك، وأصله: إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كدية:
وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر، ونحوه: أجبل الحافر، ثم استعير فقيل: أجبل الشاعر: إذا أفحم.
روي أن عثمان رضي الله عنه كان يعطي ماله في الخير، فقال له عبد الله بن سعد ابن أبي سرح وهو أخوه من الرضاعة: يوشك أن لا يبقى لك شيء، فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه، فقال عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء. فنزلت.
ومعنى ﴿تَوَلَّى﴾ ترك المركز يوم أحد، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل.
﴿فَهُوَ يَرَى﴾ فهو يعلم أن ما قاله له أخوه من احتمال أوزاره حق، ﴿وفَّى﴾ قرئ مخففا ومشددا، والتشديد مبالغة في الوفاء. أو بمعنى: وفر وأتم، كقوله تعالى: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية، من ذلك: تبليغه الرسالة، واستقلاله بأعباء النبوة، والصبر على ذبح ولده، وعلى نار نمرذ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشى فرسخا يرتاد ضيفاً،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أجبل الحافر) الجوهري: أجبل القوم: إذا حفروا فبلغوا المكان الصلب، وأكدى الحافر: إذا بلغ الأرض الصلبة فلا يمكنه أن يحفر.
قوله: (﴿فَهُوَ يَرَى﴾ فهو يعلم) قال أبو البقاء: ﴿فَهُوَ يَرَى﴾ جملة اسمية واقعة موقع الفعلية، والأصل: أعنده علم الغيب فيرى؟ ولو جاء على ذلك لكان نصبًا على جواب الاستفهام.
قوله: (﴿وَفَّى﴾ قرئ مخففًا ومشددًا)، المشددة: هي المشهورة.


الصفحة التالية
Icon