فإن قلت: أما صح في الأخبار: الصدقة عن الميت، والحج عنه، وله الإضعاف؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أما صح في الأخبار: الصدقة عن الميت) تلخيصه: أن التركيب، أي: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، يفيد بما فيه من أداة الحصر، وتعقيبه لقوله: ﴿أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى﴾ اختصاص الإنسان بثواب ما عمل هو بنفسه لنفسه، وانتفائه بسعي غيره، وأنه لا يجزى من سعيه إلا مقدار ما عمله لا يزاد عليه، وهو على خلاف الأقوال الواردة في الصدقة والحج، والآيات الصادرة في مضاعفة الثواب.
وأما الأخبار الواردة في الصدقة فكثيرة، منها: ما روينا عن البخاري ومسلم ومالك وأبي داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: "تعم".
"افتلتت نفسها": أي: ماتت فجأة، كأن نفسها أخذت فلتة، وأما في الحج فكذلك، منها ما روي في البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس، قال: أتى رجل النبي ﷺ قال: إن أختي نذرت لأن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كان عليها دين أكنت قاضيه"؟ قال: نعم، قال: "حق الله أحق بالقضاء".
وأما الآيات الدالة على مضاعفة الثواب فلا تخفى كثرتها، وأجاب أن سعي الغير إنما لم ينفعه إذا لم يوجد له سعي قط، فإذا وجد له سعي بأن يكون مؤمنًا صالحًا، كان سعي الغير تابعًا لسعيه، كأنه سعي نفسه.