ينهون عن أكل وعن شرب
أي: يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب، وحقيقته: يصدر تناهيهم في السمن عنهما، وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف.
وقرأ سعيد بن جبير: (يؤفك عنه من أفك) على البناء للفاعل، أي: من أفك الناس عنه؛ وهم قريش، وذلك أن الحي كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأي ليسأل عن رسول الله، فيقولون له: احذره، فيرجع فيخبرهم. وعن زيد بن علي: (يأفك عنه من أفك)، أي: يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضا: (يأفك عنه من أفك)، أي: يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرئ: (يؤفن عنه من أفن) أي: يحرمه من حرم، من أفن الضرع: إذا نهكه حلبا.
[﴿قُتِلَ الخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ * يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ * ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ ١٠ - ١٤]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للقرآن وينصره الكلام السابق، وهو قوله: ﴿وإنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾، واللاحق وهو قوله: ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾.
قوله: (ينهون عن أكب وعن شرب)، تمامه:
مثل المها يرتعن في خصب
جمل ناه: إذا كان غريقًا في السمن. والضمير في قوله: ينهون يعود إلى الجماعة، ومن ظن أنه يعود إلى النوق أخطأ، فإنه لو كان كذلك لقال: ينهين.
قوله: (من هو أفاك كذاب) هذه المبالغة إنما يقيدها مقام مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: لا يصرف الناس عن مثل هذا الرسول ﷺ الصادق المصدوق إلا من هو مبالغ في الكذب، متناه فيه، وهو نحو قوله السابق: لا يهلك على الله إلا هالك، أي هالك، أي هالك!


الصفحة التالية
Icon