أسوة. وقرئ: (مزجر) بقلب تاء الافتعال زايا، وإدغام الزاي فيها.
﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾ بدل من ﴿مَا﴾ أو على: هو حكمة. وقرئ بالنصب حالا من (مَا).
فإن قلت: إن كانت ﴿مَا﴾ موصوفة ساغ لك أن تنصب حكمة حالا، فكيف تعمل إن كانت موصوفة وهو الظاهر؟
قلت: تخصصها الصفة؛ فيحسن نصب الحال عنها.
﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ نفي أو إنكار. و"ما" منصوبة، أي: فأي غناء تغني النذر ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ لعلمك أن الإنذار لا يعني فيهم، نصب ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ﴾ بـ ﴿يَخْرُجُونَ﴾، أو بإضمار: اذكر. وقرئ بإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة عنها، والداعي إسرافيل أو جبريل، كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ﴾ [ق: ٤١}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ لعلمك أن الإنذار لا يغني فيهم) إشارة إلى ربط الآيات، وأن هذه الفاء نتيجة للكلام السابق، وفي مدخولها معنى المتاركة والمواعدة، وذلك أنه تعالى لما أخبر عن المعاندين أنه بلغ إعراضهم وتمردهم، بحيث إن يروا آية يقولوا: سحر مستمر وكرر المعنى بقوله: ﴿وكَذَّبُوا واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ لأن الإعراض وقولهم: سحر مستمر، تكذيب ومتابعة للهوى، ثم جاء بقوله: ﴿ولَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الأَنبَاءِ﴾ جملة قسمية حالًا مقررة لجهة الإشكال، أي: يكذبون، والحال أنه جاءتهم حكمة بالغة، ثم سجل عنادهم بقوله: ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾، قال: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾، أي بعد أن استعلمت حالهم وأنهم لا يؤمنون البتة، فتول عنهم وأعرض عن الإنذار، لأن الإنذار إنما يفيد إذا انتفع به المنذر.


الصفحة التالية
Icon