وقيل: ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه ليعان عليه؟ ويجوز أن يكون المعنى: ولقد هيأناه للذكر، من يسر ناقته للسفر: إذا رحلها ويسر فرسه للغزو: إذا أسرجه وألجمه. قال:
وقمت إليه باللجام ميسرا.... هنالك يجزيني الذي كنت أصنع
ويروى: أن كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل لا يتلوها أهلها إلا نظرا ولا يحفظونها ظاهرا كما القرآن.
[﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي ونُذُرِ * إنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ * تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي ونُذُرِ * ولَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا واحِدًا نَّتَّبِعُهُ إنَّا إذًًا لَّفِي ضَلالٍ وسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ ١٨ - ٢٥].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الإنسان مجبول من الطبائع المختلفة، كلها داعية إلى الشهوات والركون إلى السفليات، واستئصال تلك العروق الضاربة من قعر الطبيعة لا يستتب ولا يتيسر إلا بتكرير المواعظ والقوارع، ألا ترى إلى سورة الرحمن وتكرير ﴿فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾؟
قوله: (وقمت إليه باللجام)، البيت، يجزيني، أي: يكفيني، يقول: قمت إلى فرسي متهيئًا باللجام للدفاع أو القتال، ثم قال: هنالك أي: في ذلك الوقت، يكفيني ما أعانيه، وما أعامل به من إيثار اللين والتضمير والتعليف، قيل: كان البدوي يقف على فرسه ناقة أو ناقتين، يسقيه لبنها، فهو يقول: هنالك يجزيني هذا الفرس.
قوله: (كما القرآن) "ما" كافة، أي: كما هو القرآن.