أجسادا بلا رؤوس. وذكر صفة ﴿نَخْلٍ﴾ على اللفظ، ولو حملها على المعنى لأنث، كما قال: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧].
﴿أَبَشَرًا مِّنَّا واحِدًا﴾ نصب بفعل مضمر يفسره: ﴿نَّتَّبِعُهُ﴾ وقرئ: (أبشر منا واحد) على الابتداء. و ﴿نَّتَّبِعُهُ﴾: خبره، والأول أوجه الاستفهام. كأن يقول: إن لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق، و"سعر" ونيران، جمع سعير، فعكسوا عليه فقالوا: إن اتبعناك كنا إذن كما تقول. وقيل: الضلال: الخطأ والبعد عن الصواب. والسعر: الجنون. يقال: ناقة مسعورة. قال:
كأن بها سعرا إذا العيس هزها.... ذميل وإرخاء من السير متعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} أي: ذاهب في قعر الأرض، قال بعضهم: انقعرت الشجرة: انقلعت من قعرها، وقيل: معنى انقعرت: ذهبت في قعر الأرض، وإنما أراد تعالى أن هؤلاء اجتثوا، كما اجتثت النخل الذاهب في قعر الأرض، فلم يبق لهم رسم ولا أثر، وقصعة قعيرة: لها قعر، وقعر فلان في كلامه: إذا أخرج الكلام من قعر حلقه، وهذا كما يقال: شدق في كلامه، إذا أخرج من شدقه.
قوله: (فعكسوا) أي: عكسوا في جوابه، أي: المعنى الذي أورده في الخطاب، أوردوه في الجواب، وردوه به من غير اعتقاد منهم، لأن الضلال الذي هو مقابل للهدى، والسعر من السعير، إنما يستعملها الأنبياء في إنذاراتهم مع القوم، كما جاء في آخر هذه السورة: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ لا يعتقدونهما، ولذلك قال: كنا إذن كما تقول، وهو قريب من القول بالموجب.
قوله: (كأن بها سعرًا)، الضمير في "هزها" راجع إلى العيس، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة، وفاعل هزها: ذميل، الذميل والإرخاء: ضربان