الغفلة، وهكذا حكم التكرير، كقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ عند كل نعمة عدها في سورة الرحمن، وقوله: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ عند كل آية أوردها في سورة ﴿وَالْمُرْسَلاتِ﴾، وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها لتكون تلك العبر حاضرة للقلوب، مصورة للأذهان، مذكورة غير منسية في كل أوان.
[﴿ولَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ ٤١ - ٤٢]
﴿النُّذُرِ﴾ موسى وهرون وغيرهما من الأنبياء، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون، أو جمع نذير ﴿بِآيَاتِنَا كُلِّهَا﴾ بالآيات التسع ﴿أَخْذَ عَزِيزٍ﴾ لا يغالب ﴿مُّقْتَدِرٍ﴾ لا يعجزه شيء.
[﴿أكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلائِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ والسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ ٤٣ - ٤٦].
﴿أكُفَّارُكُمْ﴾ يا أهل مكة ﴿خَيْرٌ مِّنْ أُوْلائِكُمْ﴾ الكفار المعدودين: قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون، أي أهم خير قوة وآلة ومكانة في الدنيا. أو أقل كفرا وعنادا يعني: أنا كفاركم مثل أولئك بل شر منهم ﴿أَمْ﴾ أنزلت عليكم يا أهل مكة ﴿بَرَاءَةٌ﴾
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون) يعني إنما جمع النذر في قوله: ﴿ولَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾ والمنذر موسى وهارون، لأنهما أتيا بما يأتي به المنذرون من الآيات والمعجزات، وجميع ما يفتقر إليه المرسلون بأبلغ وجه وأتمه، كأنهما المرسلون، أو أن يكون جمع نذير باعتبار الآيات التسع، فإن كل واحد منها نذير كقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: ١٢٠] أي: إنذار على حدة.
قال الواحدي: يجوز أن يكون جمع نذير، وهي الآيات التي أنذرهم بها موسى، وذلك قوله: ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا﴾.
قوله: (أو أقل كفرًا وعنادًا يعني)، إن معنى الزيادة في قوله: ﴿خَيْرٌ مِّنْ أُوْلائِكُمْ﴾ إذا


الصفحة التالية
Icon