إن جعلت ﴿قَلِيلًا﴾ ظرفًا، ولك أن تجعله صفة للمصدر، أي: كانوا يهجعون هجوعا قليلا. ويجوز أن تكون ﴿مَا﴾ مصدرية أو موصولة؛ على: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه، وارتفاعه بـ ﴿قَلِيلًا﴾ على الفاعلية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا"، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري.
شبه حلول الرضوان على السعداء وقابليتهم إياه، وهو معقول بإعطاء ما يتناولون باليد، وهو محسوس، مبالغة في الحصول، وتصويرًا لحالة الأخذ والإعطاء، وإبرازه في صورة اسم الفاعل، للدلالة على الدوام والاستمرار، رزقنا الله حلول رضوانه بفضله وكرمه، لأنا لسنا من المحسنين، الذين كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم.
قوله: (ويجوز أن تكون ﴿مَا﴾ مصدرية أو موصولة)، الانتصاف: جعلها مصدرية يوجب أن يكون ﴿قَلِيلًا﴾ واقعًا على الهجوع؛ لأنه فاعله.
وقوله: (من الليل)، لا يكون صفة للقليل، ولا بيانًا له، ولا من صلة المصدر لتقدمه عليه، ولا كذلك على أنها موصولة، فإن ﴿قَلِيلًا﴾ حينئذ واقع على الليل، كأنه قال: قليلًا المقدار الذي كانوا يهجعونه من الليل، فلا مانع أن يكون ﴿مِنَ الَّليْلِ﴾ بيانًا للقليل وهذا أيضًا ذكره الزجاج، ومنع الزمخشري نصب ﴿قَلِيلًا﴾ بـ ﴿يَهْجَعُونَ﴾، لأنه لا يتقدم معمول "ما" بعد النفي عليه.