وعن الخسران الذي هو تطفيف ونقصان. وكرر لفظ الميزان تشديدا للتوصية به، وتقوية للأمر باستعماله والحث عليه. وقرئ: (والسماء) بالرفع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنها عين القسط وذاته، ووضع القسط موضع الميزان في حديث أبي موسى: "يحفظ القسط ويرفعه"، بدليل حديث أبي هريرة: "وبيده الميزان، يخفض ويرفع" أي الميزان، وروى الأول مسلم، والثاني متفق عليه.
وجمع بينه وبين الكتاب في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: ٢٥]، وفيه دليل على أن قوله: ﴿أَلاَّ تَطْغَوْا﴾ حمله على التعليل أرجح من التفسير، ولأن فيه إجراء "مجرى "وصى" المؤول بالقول، لاستقامة تفسير ﴿أَلاَّ تَطْغَوْا﴾ لـ "وضع"، وبهذا يظهر معنى قوله: بالعدل قامت السموات والأرض.
قوله: (كرر لفظ الميزان) أي: أقيم المظهران مقام المضمرين في الموضعين، فقوله: "تشديدًا للتوصية" معناه: قيل أولًا: ﴿ووَضَعَ المِيزَانَ﴾ امتنانًا وتوصية في شأنه، ثم عقب: ﴿أَلاَّ تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ﴾ وكان من الظاهر أن "ألا تطغوا" فيه، أي في حقه وشأنه، فوضع موضعه الميزان، تشديدًا للتوصية بشأن الميزان.
قوله: (تقوية للأمر باستعماله) معناه: أنه أمر أولًا بقوله: ﴿وأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ﴾، ثم عقب بالنهي عن ضده في قوله: ﴿ولا تُخْسِرُوا المِيزَانَ﴾ وأقيم المظهر مقام المضمر بقوله: للأمر باستعمال القسط فيه.