﴿حَمِيمٍ آنٍ﴾ ماء حار قد انتهى حره ونضجه، أي: يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم. وقيل: إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم. وقيل: إن واديا من أدوية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال، فيغمسون فيه حتى تنخلع أوصالهم؛ ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا. وقرئ: (يطوفون) من التطويف، و (يطوفون)، أي: يتطوفون، و (يطافون). وفي قراءة عبد الله: (هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليان، لا تموتان فيها ولا تحييان، يطوفون بينها). ونعمة الله فيها ذكره من هول العذاب: نجاة الناجي منه برحمته وفضله، وما في الإنذار به من اللطف.
[﴿ولِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إسْتَبْرَقٍ وجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ ٤٦ - ٥٥].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ونعمة الله فيما ذكره من هول العذاب: نجاة الناجي منه)، قال الراغب في "غرة التأويل": أن الله تعالى منعم على عباده نعمتين: نعمة الدنيا ونعمة الدين، وأعظمهما في الأخرى، واجتهاد الإنسان رهبة مما يؤلمه أكثر من اجتهاده رغبة فيما ينعمه، فالترهيب زجر عن المعاصي، وبعث على الطاعات، وهو سبب النفع الدائم، فأية نعمة أكبر إذن من التخويف بالضرر المؤدي إلى أشرف النعم، فكما جاز أن يقول عند ذكر ما خوفنا فيه مما يصرفنا عن معصيته إلى


الصفحة التالية
Icon