على: ﴿وَالسَّابِقُونَ﴾، وابتدأ ﴿السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾ والصواب أن يوقف على الثاني، لأنه تمام الجملة، وهو في مقابلة ﴿مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ﴾، ﴿مَا أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ﴾.
﴿المُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ الذين قربت درجاتهم في الجنة من العرش، وأعليت مراتبهم. وقرئ: (في جنة النعيم)، والثلة: الأمة من الناس الكثيرة. قال:
وجاءت إليهم ثلة خندقية.... بجيش كثير من السيل مزبد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي سبقت في جعل الخبر نفس المبتدأ، أو تلك المقابلة التي بينه وبين أصحاب الميمنة، استئناف جملة أخرى على تقدير سؤال سائل عند ﴿أُوْلَئِكَ﴾.
قوله: (وهو في مقابلة ﴿مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ﴾) وكان ينبغي أن يقال: السابقون، إلا أنه أريد أن يصفهم بوصف لا يكتنه كنهه، والفرق: أن الجملتين واردتان على التعجب، أي: ما عرفت حالهم؟ أي شيء هم؟ فاعرفها وتعجب منها، وأما الأخيرة فمعناها أنك عرفت حالهم وصفتهم ومزبتهم، فلا يحتاج إلى التقرير، فعلى هذا المراد بالمقابلة التضاد، فالمقابلة حينئذ باعتبار المعنى، بحسب التقدم والتأخر والأسلوب من باب استيفاء أقسام الشيء، لأن الناس من بين سابق ومقتصد وظالم، كقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر: ٣٢] وهذا مانع آخر من جعل ﴿أُوْلَئِكَ﴾ خبرًا، و ﴿السَّابِقُون﴾ تأكيدًا، وأنت إذا استنشقت جل فقرات هذه السورة الكريمة، من مفتتحها إلى مختتمها شممت منها رائحة مثلثات كأنها:
أذيف عليها المسك حتى كأنها.... لطيمة تفتق فارها
قوله: (وجاءت إليهم ثلة) البيت، خندفية: منسوب إلى خندف؛ امرأة إلياس من


الصفحة التالية
Icon