أصبتم بذلك من أجلها. وقرئ: (تفكنون) ومنه الحديث: "مثل العالم كمثل الحمة يأتيها البعداء ويتركها القرباء، فبيناهم إذا غار ماؤها فانتفع بها قوم وبقي قوم يتفكنون" أي: يتندمون. ﴿إنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ لملزمون غرامة ما أنفقنا. أو مهلكون لهلاك رزقنا، من الغرام: وهو الهلاك، ﴿بَلْ نَحْنُ﴾ قوم ﴿مَحْرُومُونَ﴾ محارفون محدودودن، لاحظ لنا ولا بخت لنا؛ ولو كنا مجدودين، لما جرى علينا هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أصبتم بذلك من أجلها) أي: أصبتم بذلك البلاء من جعل زرعكم هشيمًا من أجل معاصيكم.
قوله: (كمثل الحمة) النهاية: الحمة: عين حار يستشفى بها المرضى، ومنه حديث الدجال: "أخبروني عن حمة زغر" أي: عينها، زغر: موضع بالشام، وقال: إذا غاض ماؤها.
قوله: (أو مهلكون لهلاك رزقنا) لو قال: لمهلكون لما ارتكبنا من المعاصي، لأن المعاصي من المهلكات كان أليق، ليكون قوله: "الملزمون غرامة ما أنفقنا"، متفرعًا على قوله: "على تعبكم فيه، وإنفاقكم عليه"، وقوله: "أو مهلكون" على قوله: "أو على ما اقترفتم من المعاصي"، لأن قوله: ﴿إنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ جملة حالية مقولًا لقولهم كالبيان لما يصدر من النادم عند خيبته من الكلمات الدالة عليها، أي: فظلتم تندمون على تعبكم فيه، وإنفاقكم عليه، أو على ما اقترفتم من المعاصي قائلين: إنا لمغرمون، وقوله: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ إن جعل مطلقًا على نحو: فلان يعطي ويمنع كان المعنى ما قال: "محارمون"، فيدخل المعنيان فيه على البدل، وإن قدر متعلقة كان المعنى: محرومون رزقنا كما قدره القاضي.
قوله: (محارفون) المحارف: الممنوع من البخت.


الصفحة التالية
Icon