على القراءة أيضًا، وعن ابن عمر: أحب إلي أن لا يقرأ إلا وهو طاهر، وعن ابن عباس في رواية أنه كان يبيح القراءة للجنب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أتبع الكل بقوله: ﴿تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ﴾، أي: مالك السماوات والأرضين، ووسط بينهما قوله: ﴿لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ﴾، دل على أن هذه الصفات ثابتة له ذاتية، ومن شأنه أن يكون كذلك، ولا ينبغي غير ذلك، وعليه ما ورد: "المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه" الحديث.
فهو إخبار في معنى الأمر كما في قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً﴾ [النور: ٣]، والمعنى على الوجه الأول: إن هذا الكتاب كريم على الله تعالى، ومن كرمه أنه أثبته عنده في اللوح المحفوظ وعظم شأنه بأن حكم ألا يمسه إلا الملائكة المقربون، وصانه عن غير المقربين، فيجب أن يكون حكمه عند الناس كذلك، بناء على أن ترتب الحكم على الوصف المناسب مشعر بالعلية، لأن مساق الكلام لتعظيم شأن القرآن، وعلى كرمه ورد الإقسام، ومجيء ذكر الكتاب المكنون تابع لذكره، يدل عليه قوله: ﴿أَفَبِهَذَا الحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ﴾، أي: بمثل هذا العظيم الشأن، الموصوف بصفات الكمال أنتم متهاونون؟
روينا عن الإمام مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر"، وقال مالك: لم يكره ذلك لأنه يدنسه الأيدي، وإنما كره ذلك إكرامًا للمصحف بأن يحمله غير طاهر، وأحسن ما سمعت في معنى هذه الآية أنها بمنزلة قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١١ - ١٦].
وعن الدارمي عن عبد الله بن عمرو أن النبي ﷺ قال: "القرآن أحب إلى الله من السماوات والأرض ومن فيهن".


الصفحة التالية
Icon