..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمراد بالإنفاق: الإنفاق في سبيل الله، يدل عليه قوله: :﴿لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِنْ بَعْدُ﴾ ولعل الميثاق نحو ما روينا عن الإمام أحمد بن حنبل عن عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقول في الله ولا نخاف لومة لائم، وعلى أن ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث.
وأما قضية النظم فإنه تعالى لما قال: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ ووضع موضع: مما رزقناكم، كما في سائر المواضع قوله: ﴿مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ تسهيلًا على بذلها وإيذانًا بأن الأموال عواري ودول، كما قيل:
وحسبك قول الناس فيما ملكته.... لقد كان هذا مرة لفلان
فصله بقوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ وبقوله: ﴿ومَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ﴾ إلى آخره، وكان التقابل الحقيقي: والذين لم يؤمنوا ولم ينفقوا لهم عقاب أليم، ولما أن الكلام في الحث والتعريض والتوبيخ على التهاون في الإنفاق، قيل: ﴿ومَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، ﴿ومَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وأوقع للأول قوله: ﴿والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ﴾، حالًا مقررة لجهة الإشكال. وقوله: ﴿وقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾ حال أخرى كذلك، على سبيل التداخل، والثاني قوله: ﴿ولِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ﴾ وهو ينظر إلى قوله: ﴿مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ أي: مالكم لا تنفقون وإن الله سولكم إياها وخولكم الاستمتاع بها بعد أن أهلك غيركم، وأعطاها إياكم، ثم في العاقبة هو مهلككم ووارثها، فأي غرض لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! والله أعلم.