إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به. وقرئ: (أنظرونا) من النظرة وهي: الإمهال، جعل اتئادهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم إنظارًا لهم.
﴿نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ نصب منه؛ وذلك أن يلحقوا بهم، فيستنيروا به ﴿قِيلَ ارْجِعُوا ورَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ طرد لهم وتهكم بهم، أي: ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوه هنالك، فمن ثم يقتبس. أو ارجعوا إلى الدنيا، فالتمسوا نورًا بتحصيل سببه وهو الإيمان. أو ارجعوا خائبين وتنحوا عنا، فالتمسوا نورًا آخر، فلا سبيل لكم إلى هذا النور، وقد علموا أن لا نور وراءهم؛ وإنما هو تخييب وإقناط لهم.
﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ﴾ بين المؤمنين والمنافقين بحائط حائل بين شق الجنة وشق النار. وقيل: هو الأعراف، لذلك السور، ﴿بَابٌ﴾ لأهل الجنة يدخلون منه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "أنظرونا" من النظرة) حمزة: "أنظرونا" بقطع الهمزة وفتحها في الحالين، وكسر الظاء، والباقون بألف موصولة ويبتدئونها بالضم، وضم الظاء.
قوله: (جعل اتئادهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم إنظارًا لهم) يقال: اتأد في مشيته، افتعل من التؤدة، يعني وضع انظرونا الذي هو بمعنى الممهلة وإنظار الدائن مديونه، موضع اتئاد الرفيق، والهوينا في المشي لرفيقه على سبيل الاستعارة بعد سبق تشبيه الحالة بالحالي، مبالغة في العجز وإظهار الافتقار.
وقال المهدي: ﴿انظُرُونَا﴾، وأنظرونا معناهما سواء، وهما من الانتظار، تقول العرب: نظرت كذا وانتظرت، بمعنى واحد، والمعنى: نفسونا وأمهلونا نقتبس من نوركم.
قوله: (وقد علموا أن لا نور وراءهم وإنما هو تخييب)، نظيره في المعنى قوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦].


الصفحة التالية
Icon