[﴿والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ والشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ونُورُهُمْ والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ﴾ ١٩]
يريد أن المؤمنين بالله ورسله هم عند الله بمنزلة الصديقين والشهداء؛ وهم الذي سبقوا إلى التصديق واستشهدوا في سبيل الله ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ ونُورُهُمْ﴾ أي: مثل أجر الصديقين والشهداء، ومثل نورهم.
فإن قلت: كيف يسوي بينهم في الأجر ولا بد من التفاوت؟ قلت: المعنى أن الله يعطي المؤمنين أجرهم ويضاعفه لهم بفضله، حتى يساوي أجرهم مع أضعافه أجر أولئك. ويجوز أن يكون ﴿والشُّهَدَاءُ﴾ مبتدأ، و ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ خبره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هم عند الله بمنزلة الصديقين والشهداء) ثم قوله: "لهم مثل أجر المصدقين"، مؤذن بأنه لا يجوز حمل الصديقين على المؤمنين، فيجب الحمل على التشبيه، نحو: زيد أسد، وذلك أن اسم الإشارة دال على أن ما بعده جدير بمن سبق ذكره، لاكتسابه الخصال التي درجتهم دون درجة الأنبياء، وفوق درجة الخواص، ولا يقال: درجة من مات حتف أنفه درجة من استشهد في سبيل الله في صف الكفار، إلا بالإلحاق، وأن يقال: هم مثلهم وأجرهم مثل أجرهم، لاسيما وقد وسط بين المبتدأ والخبر ضمير الفصل المفيد لحصر المسند على المسند إليه، ويجوز قطع "الشهداء" عن هذا الحكم، لاستقامته مع من اقترن به أن يكون جملة معه، وإليه أشار بقوله: ويجوز أن يكون "الشهداء" مبتدأ.
وأما سؤاله: كيف يسوي بينهم في الأجر ولا بد من التفاوت؟ فليس بذاك، لأنا إذا قلنا: إن الكلام مبني على التشبيه والإلحاق للمبالغة ترغيبًا، علم عدم المساواة.
قوله: (المعنى: أن الله يعطي المؤمنين أجرهم) وخلاصته: أن لكل مكلف أجر يستحقه