﴿بِالْغَيْبِ﴾ غائبًا عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه ولا يبصرونه.
﴿إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ غني- بقدرته وعزته في إهلاك من يريد هلاكه- عنهم، وإنما كلفهم الجهاد لينتفعوا به، ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب.
[﴿ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وإبْرَاهِيمَ وجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ والْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ٢٦]
﴿والْكِتَابَ﴾ والوحي. وعن ابن عباس: الخط بالقلم، يقال: كتب كتابًا وكتابة. ﴿فَمِنْهُمْ﴾ فمن الذرية أو من المرسل إليهم، وقد دل عليهم ذكر الإرسال والمرسلين.
وهذا تفصيل لحالهم، أي: فمنهم مهتد ومنهم فاسق، والغلبة للفساق.
[﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وآتَيْنَاهُ الإنجِيلَ وجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَافَةً ورَحْمَةً ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ٢٧]
قرأ الحسن: (الأنجيل) بفتح الهمزة، وأمره أهون من أمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عنهم) صلة "غني"، والضمير راجع إلى "من ينصره"، يدل عليه قوله: "وإنما كلفهم الجهاد"، والباء في "بقدرته" نحو "الباء" في: كتبتم بالقلم.
قوله: (قرأ الحسن: "الأنجيل" بفتح الهمزة) قال ابن جني: هذا لا نظير له، وهو من نجلت الشيء إذا استخرجته، لأنه يستخرج حال الحلال من الحرام، كما قيل لنظيره: "التوراة"، وهي فوعلة، من: ورى الزنديري، إذا أخرج النار، ومثله: الفرقان، من: فرق بين الشيئين.
وغالب الظن أنه ما قرأه إلا عن سماع، وشذوذه كما حكى بعضهم في البرطيل: البرطيل، ونحوهما ما حكاه أبو زيد من قولهم: السكينة بفتح السين وتشديد الكاف، وربما


الصفحة التالية
Icon