[﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ وأَنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ ٢٩]
﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ﴾ ليعلم ﴿أَهْلُ الكِتَابِ﴾ الذين لم يسلموا. و"لا" مزيدة، ﴿أَلاَّ يَقْدِرُونَ﴾ أن مخففة من الثقيلة، أصله: أنه لا يقدرون، يعني: : أن الشأن لا يقدرون ﴿عَلَى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ أي: لا ينالون شيئًا مما ذكر من فضله من الكفلين والنور والمغفرة، لأنهم لم يؤمنوا برسول الله، فلم ينفعهم إيمانهم بمن قبله، ولم يكسبهم فضلًا قط.
وإن كان خطابًا لغيرهم، فالمعنى: اتقوا الله واثبتوا على إيمانكم برسول الله، يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الكفلين في قوله: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ [القصص: ٥٤] ولا ينقصكم من مثل أجرهم، لأنكم مثلهم في الإيمانين، لا تفرقون بين أحد من رسله.
روي: أن رسول الله ﷺ بعث جعفرًا رضي الله عنه في سبعين راكبًا إلى النجاشي يدعوه، فقدم جعفر عليه فدعاه فاستجاب له، فقال ناس ممن آمن من أهل مملكته وهم أربعون رجلًا: ائذن لنا في الوفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن لهم، فقدموا مع جعفر وقد تهيأ لوقعة أحد، فلما رأوا ما بالمسلمين من خصاصة، استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعوا وقدموا بأموال لهم، فآسوا بها المسلمين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكفل بأمره، قال تعالى: ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣]، والكفل: الكفيل، قال تعالى: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ﴾، أي: كفلين من نعمته في الدنيا والآخرة، وهما المرغوب إلى الله فيهما، بقوله: ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً﴾ [البقرة: ٢٠١].


الصفحة التالية
Icon