﴿وَإنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ لما سلف منه إذا تيب عنه ولم يعد إليه.
ثم قال: ﴿والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ يعني: والذين كانت عادتهم أن يقولوا هذا القول المنكر فقطعوه بالإسلام، ثم يعودون لمثله، فكفارة من عاد أن يحرر رقبةً ثم يماس المظاهر منها، لا تحل له مماستها إلا بعد تقديم الكفارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والذين كانت عادتهم أن يقولوا هذا القول المنكر)، إشارة إلى أن التعريف للعهد، والمعهود ما دل عليه "توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم، لأنه كان من أيمان أهل جاهليتهم"، وفي إتيان المضارع إرادة معنى الاستمرار فيما مضى وقتًا فوقتًا، وهذا معنى قوله: "عادتهم".
الانتصاف: هذا الوجه يلزم الكفارة بمجرد لفظ الظهار حتى لو أردفه بالطلاق، أو ماتت المظاهر منها لزمته الكفارة، لأن العود حينئذ ليس إلا قول الظهار في الإسلام بخلافه في الوجوه، لأنه إنما تجب الكفارة حينئذ بالعود بعد الظهار، وهو قول علماء الأمصار.
الراغب: العادة اسم لتكرير الفعل أو الانفعال حتى يصير ذلك سهلًا تعاطيه كالطبع، ولذلك قيل: العادة طبيعة ثانية، وإعادة الشيء كالحديث وغيره: تكريره، قال تعالى: ﴿سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى﴾ [طه: ٢١]، والعيد: كل حالة تعاود الإنسان، والعائدة: كل نفع يرجع إلى الإنسان من شيء ما، والعود: الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، إما انصرافًا بالذات أو بالقول أو العزيمة.
وأما قوله: ﴿والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ فعند أهل الظاهر هو أن يقول ذلك للمرأة ثانيًا، فحينئذ تلزمه الكفارة، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: العود في الظهار هو أن يجامعها بعد الظهار، وعند الشافعي رضي الله عنه: هو إمساكها بعد وقوع الظهار مدة