ووجه ثالث: وهو أن يراد ب (ما قالوا) ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار، تنزيلًا للقول منزلة المقول فيه؛ نحو ما ذكرنا في قوله تعالى: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ [مريم: ٨٠] ويكون المعنى: ثم يريدون العود للتماس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرة أخرى، فيقول: أنت علي كظهر أمي، فإن الظهار ليس في ذلك ظهارًا، وذلك لأن العود على ضربين؛ أحدهما: أن يصير إلى شيء قد كان عليه قبل فتركه ثم صار إليه، والآخر: أن يصير إلى شيء وإن لم يكن على ذلك قبل، وهذا عند من خوطب بالقرآن مثل الأول في الظهور، وأنهم يعرفونه كما يعرفون ذلك، فمن ذلك قوله:
إذ السبعون أقصدني سراها.... وسارت في المفاصل والعظام
وصرت كأنني أقتاد عيرًا.... وعاد الرأس مني كالثغام
أي: صار لون رأسي كلون الثغام. وهو نبت أبيض إذا يبس يصير كالشعر الأبيض، يقال: أقصد السهم: أصاب فقتل على المكان.
واعلم أن حاصل معنى العود _على المختار_ راجع إلى أن يمسكها زمانًا يمكنه أن يطلقها فلا يطلقها، هذا في المطلق، وأما في المؤقت فأن يطأ في المدة، وفي الرجعية الرجعة كما ذكروه، وفي "ثم" الدلالة على أن العود أشد تبعة وأقوى إثمًا من نفس الظهار، ألا ترى أن الكفارة تتعلق بالعود لا بالظهار مطلقًا؟
قوله: (أن يراد بـ"ما قالوا" ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار)، يعني من الكف عن الاستمتاع بالمرأة من جماع أو لمس بشهورة، لأنه هو المقول فيه بلفظ الظهار، كقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon