قلت: نعم إذا وضع مكان (أنت) عضوًا منها يعبر به عن الجملة، كالرأس والوجه والرقبة والفرج، أو مكان الظهر عضوًا آخر يحرم النظر إليه من الأم كالبطن والفخذ. أو مكان الأم ذات رحم محرم منه؛ من نسب أو رضاع أو صهر أو جماع، نحو أن يقول: أنت علي كظهر أختي من الرضاع، أو عمتي من النسب، أو امرأة ابني أو أبي، أو أم امرأتي أو بنتها، فهو مظاهر، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه. وعن الحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري وغيرهم رضوان الله عليهم نحوه.
وقال الشافعي: لا يكون الظهار إلا بالأم وحدها، وهو قول قتادة والشعبي.
وعن الشعبي: لم ينس الله أن يذكر البنات والأخوات والعمات والخالات؛ إذ أخبر أن الظهار إنما يكون بالأمهات الوالدات دون المرضعات. وعن بعضهم: لا بد من ذكر الظهر حتى يكون ظهارًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن عباس رضي الله عنهما، لأن ما قبله وهو قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم﴾ كما سبق وارد على الذم على ما كانوا عليه في الجاهلية، وعلى أن ذلك كان منكرًا من القول وزورًا، وكذلك ما بعده أي قوله: ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ﴾ تخويف شديد لمن ارتكب تلك الجناية، وكما قال المصنف: "الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية"، كأنه قيل: الذين يرتكبون تلك الجناية، ويقولون ذلك القول المنكر والزور ثم يرجعون يندمون لأجل ذلك القول، فكفارته ما ذكر، ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فيجازيكم عليه، ثم قول الإمام الشافعي لقربه منه من حيث المعنى.
قوله: (أو جماع)، يريد به قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى: البنت المخلوقة من ماء الزاني يحرم وطؤها على الزاني خلافًا للشافعي رضي الله عنه، وأما قوله: "أو صهر" فيحمل على النكاح الصحيح والشبهة كما عند الشافعي.
قوله: (لا يكون الظهار إلا بالأم وحدها)، هذا خلاف ظاهر المذهب، وفي "الحاوي":