قلت: إلى ما دل عليه الكلام من المظاهر والمظاهر منها. ﴿ذَلِكَ﴾ البيان والتعليم للأحكام والتنبيه عليها لتصدقوا ﴿بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ في العمل بشرائعه التي شرعها من الظهار وغيره، ورفض ما كنتم عليه في جاهليتكم ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾ التي لا يجوز تعديها ﴿وَلِلْكَافِرِينَ﴾ الذين لا يتبعونها ولا يعملون عليها ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
[﴿إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ولِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ ونَسُوهُ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ ٥ - ٦]
﴿يُحَادُّونَ﴾ يعادون ويشاقون ﴿كُبِتُوا﴾ أخزوا وأهلكوا ﴿كَمَا كُبِتَ﴾ من قبلهم من أعداء الرسل. قيل: أريد كبتهم يوم الخندق، ﴿وقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به، ﴿ولِلْكَافِرِينَ﴾ بهذه الآيات ﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ يذهب بعزهم وكبرهم. ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ﴾ منصوب بـ"لهم"، أو بـ ﴿مُّهِينٌ﴾، أو بإضمار "اذكر" تعظيمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فجوابه أن التماس مناف لصحة الكفارة واعتبارها في رفع التحريم، فإن وقع قبل الشروع في الكفارة تعذر الحكم ببطلان الكفارة، لأن محل الحكم الذي هو الكفارة لم يوجد، أما إن وقع في أثنائها، فالمحل المحكوم فيه بعدم الصحة قائم، فوجب الحكم به، فهو كالحديث إذا كان قبل الطهارة لا يبطل شيئًا لم يوجد، وإن وقع في أثنائها أبطلها، تم كلامه.
قوله: (أو بإضمار "اذكر" تعظيمًا)، اعلم أن قوله: ﴿ولِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ إما تتميم أو تذييل، كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩] قال المصنف: " ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ أي عليهم، وضعًا للمظهر موضع المضمر، للدلالة على أن اللعنة لحقتهم لكفرهم، واللام للعهد، ويجوز أن تكون للجنس، فيدخلوا فيه دخولًا


الصفحة التالية
Icon