أي: توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه، ﴿يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك.
﴿انشُزُوا﴾ انهضوا للتوسعة على المقبلين، أو انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه، ولا تملوا رسول الله بالارتكاز فيه، أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم، ولا تثبطوا ولا تفرطوا. ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ﴾ المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسوله، والعالمين منهم خاصة ﴿دَرَجَاتٍ﴾،.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والعالمين منهم خاصة ﴿دَرَجَاتٍ﴾)، الانتصاف: وقع في الجزاء رفع الدرجات مناسبة للعمل، لأن المأمور به تفسيح المجالس، لئلا يتنافسوا في القرب من المكان المرتفع بحلول الرسول فيه، فالمفسح حابس لنفسه عما يتنافس فيه من الرفعة تواضعًا فجوزي بالرفعة، كقوله: من تواضع لله رفعه الله، ثم لما علم أن أهل العلم يستوجبون رفع المجلس خصهم بالذكر ليسهل عليهم ترك ما لهم من الرفعة في المجلس تواضعًا لله تعالى، يريد أنه من باب "ملائكته... وجبريل".
وقلت: وفي إدخال الذين أوتوا العلم في حكم رفع المنزلة بسبب امتثال الأوامر مع الذين آمنوا، ثم في إخراجهم عنهم والعطف عليهم مستقلة، إيذان بأن العمل الواحد تتفاوت درجة فاعله بحسب التخلي عن العلم والتحلي به إلى غايات بعيدة، وأن العمل مع علو رتبته يكتسي من العلم المقرون به من الرفعة ما لا يكتسبه إذا انفرد عنه، وقدر القاضي: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ﴾: بالنصر وحسن الذكر في الدنيا، وإيوائهم غرف الجنان في الآخرة، ويرفع العلماء منهم خاصة درجات بما جمعوا بين العلم والعمل، ويعضده ما روى الدارمي عن ابن عباس قال: يرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا درجات