حيث استوت حالهم فيه في الدنيا والآخرة ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ﴾ استولى عليهم، من: حاذ الحمار العانة: إذا جمعها وساقها غالبًا لها. ومنه: كان أحوذيًا نسيج وحده، وهو أحد ما جاء على الأصل، نحو: استصوب واستنوق، أي: ملكهم ﴿الشَّيْطَانُ﴾ لطاعتهم له في كل ما يريده منهم، حتى جعلهم رعيته وحزبه ﴿فَأَنسَاهُمْ﴾ أن يذكروا الله أصلًا، ولا بقلوبهم ولا بألسنتهم. قال أبو عبيدة: حزب الشيطان: جنده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من: حاذ الحمار العانة)، الراغب: الحوذ أن يتبع السائق حاذي البعير، أي: أدبار فخديه فيعنف في سوقه، وقوله: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: استاقهم مستوليًا عليهم، أو من قولهم: استحوذ العير على الأتان، أي: استولى على حاذيها أي: جانبي ظهرها، ويقال: استحاذ وهو القياس، واستعارة ذلك كقولهم: اقتعده الشيطان وارتكبه، والأحوذي: الخفيف الحاذق بالشيء من الحوذ أي: السوق.
قوله: (ومنه: كان أحوذيًا)، الأساس: ومن المجاز: رجل أحوذي يسوق الأمور أحسن المساق لعلمه بها.
قوله: (نسيج وحده)، النهاية: في حديث عمر رضي الله عنه: يدلني على نسيج وحده، يريد رجلًا لا عيب فيه، وأصله أن الثوب النفيس لا ينسج على منواله غيره، وهو فعيل بمعنى مفعول، ولا يقال إلا في المدح.
قوله: (وهو أحد ما جاء على الأصل)، قال الزجاج: استحوذ: استولى، يقال: حذت الإبل وحزتها إذا استوليت عليها وجمعتها، وهذا مما خرج على أصله، ومثله: أحوذت وأطيبت، والأكثر: أحذت وأطبت، إلا أن استحوذ، جاء على الأصل لأنه لم يقل: على حاذ، لأنه إنما بنى استفعل في أول وهلة، كما بنى افتقر على افتعل من الفقر، ولم يقل: منه فقر، ولا استعمل بغير


الصفحة التالية
Icon