وإن كانت من كرام النخل فليكون غيظ اليهود أشد وأشق.
وروي: أن رجلين كانا يقطعان: أحدهما العجوة، والآخر اللون، فسألهما رسول الله ﷺ فقال هذا: تركتها لرسول الله، وقال هذا: قطعتها غيظًا للكفار. وقد استل به على جواز الاجتهاد، وعلى جوازه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك، واحتج به من يقول: كل مجتهد مصيب.
[﴿ومَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ولا رِكَابٍ ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ ٦ - ٧] ﴿ومَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ جعله له فيئا خاصة، والإيجاف من الوجيف؛ وهو السير السريع، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام في الإفاضة من عرفات: " ليس البر بإيجاف الخيل ولا إيضاع الإبل، على هينتكم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في الإفاضة من عرفات)، الحديث من رواية البخاري عن ابن عباس قال: دفع النبي ﷺ يوم عرفة، فسمع وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا للإبل، فأشار بالسوط إليهم، وقال: "يا أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع". وفي رواية أبي داود قال: "يا أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل".
النهاية: وضع البعير يضع وضعًا، وأوضعه راكبه أيضًا؛ إذا حمله على سرعة، وكذا الإيجاف، وقد أوجف دابته يوجفها إيجافًا؛ إذا حثها.
قوله: (على هينتكم)، الجوهري: يقال: امش على هينتك، أي: على رسلك، أي: اتئد فيه.