والدولة والدولة؛ بالفتح والضم، وقد قرئ بهما: ما يدول للإنسان، أي يدور من الجد. يقال: دالت له الدولة، وأديل لفلان.
ومعنى قوله تعالى: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾: كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى الفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها جدا بين الأغنياء يتكاثرون به. أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهل الصلح فيء، والخراج فيء، لأن ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين، وعند الفقهاء: كل ما يحل أخذه من أموالهم فهو فيء. تم كلامه.
ويمكن أن تنزل عبارة "الحاوي" على هذا المعنى، بأن يقال: إن قوله: "ما حصل من الكفار" عام خص منه البعض، بعطف "غلة عقارهم" بعد أن وقف على "ما حصل"، وبعض آخر بقوله: "وما حصل بإيجاف خيل فلمسلم"، من حيث عطف الجملة بقي في ذلك العام: "ما جلوا عنه خوفًا من المسلمين إذا سمعوا خبرهم، أو بذلوه كفًا عن قتالهم، وكالجزية وعشور تجاراتهم ونحوه".
قلت: لما كان مفهوم الغنيمة داخلًا في مفهوم الفيء وقد قيدت الخمس في تلك الآية، فينبغي أن يقاس عليها سائرها لجامع كونها أموال الكفار صارت إلى المسلمين، إلى أن ينتهض الصارف القوي، نحو: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه" هذا ما يمكن أن يقال، والله أعلم بحقيقة الحال.
قوله: (والدولة والدولة بالفتح والضم)، فالضم: المشهورة، وبالفتح: شاذ، وقيل: هي رواية هشام عن ابن عامر. وقال ابن جني: وهي قراءة أبي جعفر، منهم من لا يفصل بين القراءتين، ومنهم يقول: الفتح في الملك والضم في الملك، "وكان" تامة، أي: كيلا تقع دولة أو تحدث.


الصفحة التالية
Icon