..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال: لا نغتر بالاعتذار بأن الآية نص على ثبوت الاستحقاق تشريفًا لهم، فمن علله بالحاجة فوت هذا المعنى، ثم عظمه عليهم بأنهم يرون اشتراط الإيمان في رقبة الكفارة زيادة على النص، وهو نسخ لا يصح بالقياس.
قال الإمام: وكذا اشتراط الفقر في القرابة يكون زيادة على النص، هذا وجه كلام الإمام، وهو متوجه إن أثبتوه قياسًا، وقد أخذوا التقييد من البدل المذكور في الآية، فنقول ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾ بدل من "المساكين" لا غير، لأنه تعالى أراد وصف المساكين بما يبين استحقاقهم وبعث الأغنياء على إيثارهم، وأن لا يجدوا في صدورهم حاجة مما أوتوا، وقد فصل عنهم قوله: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً﴾ إلى ﴿شَدِيدُ العِقَابِ﴾، طوى ذكرهم توطئة للصفات فذكروا بصفة أخرى مناسبة لأولى، فاشتمل على وصفهم بالمسكنة والفقر جميعًا، ثم تليت صفاتهم بعد بأنهم أخرجوا من ديارهم إلى آخرها، فهذا الذي يرشد إليه السياق، وأواوا القربى ذكروا على الإطلاق، فالأولى بقاؤهم على ذلك، ويؤيد ذلك أن الحنفية يرون الاستثناء إذا تعقب جملا اختص بالأخيرة، فكذا البدل يكفي في صحة عوده إلى الأخير، ولأنه إذا جعل من "ذوي القربى" كان بدل بعض من الكل، إذ فيهم أغنياء، وإن جعل بدلًا من "المساكين" أيضًا كان بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة، فيكون البدل محتويًا على نوعي البدل، وهو متعذر لتغايرهما، إذ كل واحد يتقاضى ما يأباه الآخر، وعلى هذا إعراب الزجاج الآية، فجعلها بدلًا من "المساكين" خاصة.
وقلت: مذهب المصنف أن الجمل المتعقبة بقيد لا تختص الأخيرة منها به، بل الكل سواء، إلا أن يقوم الدليل بالاختصاص كما نحن بصدده، يدل عليه قوله في سورة النور في الاستثناء:


الصفحة التالية
Icon