"الشح" بالضم والكسر، وقد قرئ بهما: اللؤم، وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع، كما قال:
يمارس نفسًا بين جنبيه كزة.... إذا بالمعروف قالت له: مهلا
وقد أضيف إلى النفس؛ لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء: ١٢٨]. ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ ومن غلب ما أمرته به منه، وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ الظافرون بما أرادوا. وقرئ: (ومن يوق).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي رواية نحوه، وفيها: فأنزل الله ﴿ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾.
قوله: ("الشح بالضم والكسر)، بالضم المشهورة، وبالكسر شاذة.
قوله: (يمارس نفسًا)، البيت، يقال: رجل كز أي: قليل المواتاة، قليل العطاء. الكزازة: الانقباض واليبس، رجل كز اليدين: نحيل: مثل جعد اليدين. يقول: هذا الرجل إذا هم يومًا أن يتسمح بمعروف قال له نفسه: مهلًا، فيطعها ويمنع من الخير.
قوله: (وقد أضيف إلى النفس؛ لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه)، اعلم أن الفرق بين البخل والشح عسر جدًا، وقد آذن بالفرق في هذا المقام، وأن الشح: اللؤم، وهو غريرة، وأن البخل: المنع نفسه، فهو أعم، لأنه قد يوجد البخل ولا شح ثمة، ولا ينعكس، وعليه ما ورد في "شرح السنة": جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، فقال: إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: ما ذاك؟ قال: أسمع الله، يقول: ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩] وأنا رجل شحيح لا يكاد أن يخرج من يدي شيء، فقال عبد الله:


الصفحة التالية
Icon