[﴿والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ ١٠]
﴿والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ عطفٌ أيضًا على ﴿المُهَاجِرِينَ﴾: وهم الذين هاجروا من بعد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تحقق لك أن من جعل الإيمان لنفسه ومستقرًا لها، وقطع طعمه من مال الغير وآثر ما يملكه على نفسه كان من المفلحين الفائزين بمباغيهم.
وفي جعل قوله: ﴿ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا﴾ كناية عن قطع الطمع، إشارة إلى قطع ذلك الغريزي من سنخه قطعًا لو تكلف التماس أية حاجة كانت، ما وجد لها أثرًا، وفي تتميمه بقوله: ﴿ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ بلوغ إلى الدرجة العليا في الحرية والفتوة، أي: قطعوا الطمع إشارة إلى قلع ذلك عما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم بما ملكوا، وأنشد في ذلك:
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه..... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت
قوله: (﴿والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ عطف أيضًا على ﴿المُهَاجِرِينَ﴾)، فإن قلت: كيف وصف الأولون بالمهاجرة وابتغاء الفضل والنصرة والصدق، والأنصار بالرسوخ في الإيمان ومحبة الإيواء والسخاوة البالغة حدها، والفلاح في الآجل، واقتصر في مدح هؤلاء على قوله: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا﴾؟


الصفحة التالية
Icon