[﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ ١٨ - ١٩]
كرر الأمر بالتقوى تأكيدًا، أو اتقوا الله في أداء الواجبات؛ لأنه قرن بما هو عمل، واتقوا الله في ترك المعاصي؛ لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد.
والغد: يوم القيامة، سماه باليوم الذي يلي يومك تقريبًا له، وعن الحسن: لم يزل يقربه حتى جعله كالغد. ونحوه قوله تعالى: ﴿كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ [يونس: ٢٤] يريد: تقريب الزمان الماضي. وقيل: عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران: يوم وغد.
فإن قلت: ما معنى تنكير النفس والغد؟
قلت: أما تنكير النفس فاستقلال للأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة، كأنه قال: فلتنظر نفس واحدة في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعضد الوجه الأول مجموع التمثيل الثاني من غير عاطف ليكون كالإبدال من التمثيل الأول، ولا يحسن الإبدال إلا على اتحاد موقع التمثيلين، فليتدبر فإنه دقيق، ولعله لهذه الدقيقة ولا يجاب أن يكون المشبه به أعرف وأبين وأشهر من المشبه، اختار هذا الوجه على سائر الوجوه التي ذكرها المفسرون.
قوله: (لأنه قرن بما هو عمل)، يعني: كرر ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ إما لمجرد التأكيد، أو كرر ليعلق به ثانيًا غير الأول، فعلق به أولًا: ﴿مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ما قدمت لغد، وهو عبارة عن أعمال الخير: وثانيًا: ﴿إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، وهو عبارة عن التهديد والوعيد.
قوله: (أما تنكير النفس فاستقلا للأنفس النواظر)، أي: عدهم قليلًا كقوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]، الانتصاف: قال في قوله تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤]: المراد بالتنكير التكثير، لأن كل نفس حينئذ، تعلم ما أحضرت لقوله: {يَوْمَ


الصفحة التالية
Icon