﴿الغَيْبِ﴾ المعدوم ﴿والشَّهَادَةِ﴾: الموجود المدرك كأنه يشاهده. وقيل: ما غاب عن العباد وما شاهدوه. وقيل: السر والعلانية. وقيل: الدنيا والآخرة.
﴿القُدُّوسُ﴾ بالضم والفتح، وقد قرئ بهما: البليغ في النزاهة عما يستقبح. ونظيره: السبوح، وفي تسبيح الملائكة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. و ﴿السَّلامُ﴾ بمعنى السلامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما غاب عن العباد)، يريد أن الغيب والشهادة يجوز أن ينسبا إلى الله تعالى وإلى العباد، فعلى الأول يحمل الغيب على المعدوم، ولما كان المعدوم عندهم عبارة عن الشيء الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه، قال ذلك، وأما الموجود ففيه ما يصح أن يشاهد وما لا يصح، فجعلت كلها بمنزلة المشاهد لله تعالى، مبالغة في قوله: "كأنه يشاهده"، والوجه هو الثاني، لما يخالف الأول تفسيره قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ﴾ [يونس: ١٨] في سورة يونس، وقوله: ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ﴾ [الرعد: ٣٣] في سورة الرعد، اللهم إلا أن يراد بأحدهما المعدوم الممكن، وبالآخر المعدوم الممتنع، ويؤيده تفسير صاحب "المفتاح": ﴿بِمَا لَا يَعْلَمُ﴾: أي بما لا ثبوت له، ولا علم الله معلق به، نفيًا للملزوم، وهو المنبأ به بنفي لازمه، وهو وجوب كونه معلومًا للعالم الذات، لو كان له ثبوت بأي اعتبار كان. فحينئذ جاء التفصيل في قولهم: المعدوم شيء.
قوله: (﴿القُدُّوسُ﴾ بالضم والفتح)، بالضم: المشهورة، والفتح: شاذ، قال ابن جني: فعول في الصفة قليل، وذكر سيبويه: السبوح والقدوس، وإنما باب الفعول الاسم؛ كتنور، وسفود، وعبود.


الصفحة التالية
Icon