قلت: ذلك إنما اشترطوه في الأسماء دون الأفعال، لو قيل: أولياء ملقين إليهم بالمودة على الوصف لما كان بد من الضمير البارز؛ والإلقاء عبارة عن إيصال المودة والإفضاء بها إليهم، يقال: ألقى خراشي صدره، وأفضى إليه بشقوره.
والباء في ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ إما زائدة مؤكدة للتعدي مثلها في: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] وإما ثابتة على أن مفعول ﴿تُلْقُونَ﴾ محذوف، معناه: تلقون إليهم أخبار رسول الله بسبب المودة التي بينكم وبينهم.
وكذلك قوله: ﴿تُسِرُّونَ إلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾ أي: تفضون إليهم بمودتكم سرًا، أو ﴿تُسِرُّونَ إلَيْهِم﴾ أسرار رسول الله بسبب المودة.
فإن قلت: ﴿وقَدْ كَفَرُوا﴾ حال مماذا؟
قلت: إما من ﴿لا تَتَّخِذُوا﴾ وإما من ﴿تُلْقُونَ﴾ أي: لا تتولوهم، أو توادونهم وهذه حالهم. و ﴿يُخْرِجُونَ﴾ استئناف كالتفسير لكفرهم وعتوهم، أو حال من ﴿كَفَرُوا﴾.
و﴿أَن تُؤْمِنُوا﴾ تعليل لـ ﴿يُخْرِجُونَ﴾، أي: يخرجونكم لإيمانكم، و ﴿إن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ﴾
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ألقى إليه خراشي صدره)، الأساس: ومن المجاز: هو يلقي من صدره خراشي منكرة، وهو النخامة والبلغم، وتقول: ألقى إلى فلان خراشي صدره؛ تريد ما اضمره من الأغمار والإحن وأنواع البث.
قوله: (وأفضى إليه بشقوره)، الجوهري: الشقور: الحاجة، يقال: أقبلته بشقوري، كما يقال: أفضيت إليه بعجري وبجري.
قوله: (أو ﴿تُسِرُّونَ إلَيْهِم﴾ أسرار رسول الله)، هو كقوله: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ [التحريم: ٣]، وعلى الأول من باب التضمين؛ ضمن ﴿تُسِرُّونَ﴾ معنى: تفضون، وعدي تعديته.