..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "التخليص في المعاني والبيان": في كلام صاحب "الكشاف" نظر دقيق، ولكن في جعل "ودوا" عطفًا على جواب الشرط نظر، لأن ودادتهم أن يرتدوا كفارًا حاصلة، وإن لم يظفروا بهم، فلا يكون في تقييدها بالشرط فائدة، فالأولى أن يجعل قوله تعالى: ﴿ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ عطفًا على الجملة الشرطية كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [آل عمران: ١١١].
قال المصنف: "عدل بقوله: ﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [آل عمران: ١١١] عن حكم الجزاء إلى حكم الإخبار ابتداء كأنه قيل: ثم أخبركم بأنهم لا ينصرون".
وأجيب عنه بأن الذي ظننته جزاء وهو قوله تعالى: ﴿يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً﴾، أيضًا لا يصلح لذلك، لأن كونهم أعداء حاصل، سواء ظفروا أو لم يظفروا، لقوله تعالى: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾ لكن المراد: إن يظفروا بكم يستوفوا منكم متمناهم الذي هو مقتضى أن يكونوا خالصي العداوة من بسط الأيدي والألسن، والرد إلى الكفر، فعطف "يبسطوا" و"ودوا" على قوله: ﴿يَكُونُوا﴾، على طريقة: أعجبني زيد وكرمه، فيكون كل من بسط الأيدي والألسن والرد إلى الكفر متمناهم لا الارتداد فقط، لكن لما كان ردهم كفارًا كان أشد متمناهم وأهم شيء عندهم، لانحسام مادة العداوة به، صرح بتمنيهم إياه، وعدل إلى لفظ الماضي؛ لبيان الأولوية والأولية.