وقيل: تزوج رسول الله ﷺ أم حبيبة، فلانت عند ذلك عريكة أبي سفيان، واسترخت شكيمته في العداوة، وكانت أم حبيبة قد أسلمت وهاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة، فتنصر وأرادها على النصرانية، فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها، فبعث رسول الله ﷺ إلى النجاشي فخطبها عليه، وساق عنه إليها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثانية معناها: ائتسوا بهم لتنالوا من ثوابهم، وتنقلبوا إلى الآخرة كانقلابهم مبشرين بالجنة غير خائفين.
وقلت: إنه تعالى لما سلى المسلمين في قطع موالاة أقربائهم الكفار بالائتساء بإبراهيم والذين معه، واستثنى منه استغفاره لأبيه لما لم يظهر له أمارة أو نص من الله بالبراء الكلية منه، كما ظهر للمسلمين، بقوله: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ كما سبق تقريره في سورة مريم، كرر الائتساء به وتركه مطلقًا ليكون صالحًا لجميع ما يجب أن يؤتسى به، يشهد له قوله: ﴿ومَن يَتَوَلَّ﴾ بخلافه في الأول حيث أبدل من المؤتسى فيه قوله: ﴿إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ﴾، ليكون تعميمًا بعد تخصيص، وهنا أبدل ﴿لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ﴾ من ﴿لَكُمْ﴾، ليكون مزيد نعت وتحريض على الائتساء به، فحصل من ذلك التأكيد والتقرير مع الشمول والعموم والله أعلم.
قوله: (لانت... عريكة أبي سفيان)، النهاية: العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة: إذا كان سلسًا مطواعًا قليل الخلاف، وفيه، فلان شديد الشكيمة: إذا كان عزيز النفس، أبيا قويًا، وأصله من شكيمة اللجام، فإن قوتها تدل على قوة الفرس.
قوله: (وأرادها على النصرانية): الأساس: أراده على الأمر: حمله عليه.
قوله: (فخطبها عليه)، هذا ليس من قوله: "نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه"


الصفحة التالية
Icon