[﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وظَاهَرُوا عَلَى إخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ومَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ٨ - ٩]
﴿أَن تَبَرُّوهُمْ﴾ بدل من ﴿الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ﴾، وكذلك ﴿أَن تَوَلَّوْهُمْ﴾ من ﴿الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ﴾، والمعنى: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا أيضًا رحمة لهم لتشددهم وجدهم في العداوة متقدمة لرحمته بتيسير إسلام قومهم، حيث رخص لهم في صلة من لم يجاهر منهم بقتال المؤمنين وإخراجهم من ديارهم. وقيل: أراد بهم خزاعة وكانوا صالحوا رسول الله ﷺ على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه.
وعن مجاهد: هم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا. وقيل: هم النساء والصبيان.
وقيل: قدمت على أسماء بنت أبي بكر أمها قتيلة بنت عبد العزى وهي مشركة بهدايا، فلم تقبلها ولم تأذن لها في الدخول، فنزلت، فأمرها رسول الله ﷺ أن تدخلها وتقبل منها، وتكرمها وتحسن إليها، وعن قتادة: نسختها آية القتال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الميداني: القدع: الكف، يضرب للشريف الذي لا يرد عن مصاهرة ومواصلة.
قوله: (متقدمة لرحمته)، إما خبر بعد خبر لقوله: "وهذا أيضًا رحمة"، أو صفة لـ"رحمة"، يعني قوله: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ﴾ رحمة من الله للعالمين متقدمة على ما وعدهم الله تعالى من تيسير إسلام قومهم بقوله: ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً﴾ قال فيه: "فلما رأى الله منهم الجد والصبر وطول التمني للسبب الذي يتيح لهم الموالاة، رحمهم فوعدهم تيسير ما تمنوه".
قوله: (قدمت على أسماء بن أبي بكر)، رضي الله عنهما، عن البخاري ومسلم وأبي داود


الصفحة التالية
Icon