[﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ القُبُورِ﴾ ١٣]
روي أن بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم، فقيل لهم: ﴿لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا﴾ مغضوبًا عليهم ﴿قَدْ يَئِسُوا﴾ من أن يكون لهم حظ في الآخرة لعنادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون أنه الرسول المنعوت في التوراة. ﴿كَمَا يَئِسَ الكُفَّارُ﴾ من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء.
وقيل: ﴿مِنْ أَصْحَابِ القُبُورِ﴾ بيان للكفار، أي: كما يئس الكفار الذين قبروا من خير الآخرة؛ لأنهم تبينوا قبح حالهم وسوء منقلبهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كانوا يواصلون اليهود)، الانتصاف: يمكن أن تكون هذه الآية من باب الاستطراد، فإنه تعالى لما ذم اليهود استطرد ذمهم بذم المشركين على وجه لا يوجد أفصح ولا أمكن منه.
وأقول: إن هذه الآية متصلة بخاتمة قصة المشركين الذين نهى المؤمنين عن اتخاذهم أولياء بقوله: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ﴾ وهي قوله: ﴿ومَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: الكاملون في الظلم، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ﴾ إلى آخره مستطرد؛ فإنه لما جرى حديث المعاملة مع الذين لا يقتلون المسلمين والذين يقاتلونهم وقد أخرجوهم من ديارهم من الأمر بمبرة أولئك، والنهي عن مبرة هؤلاء، أتى بحديث المعاملة مع نسائهم، ولما فرغ من ذلك أوصل الخاتمة بالفاتحة على منوال رد العجز على الصدر من حيث المعنى والله أعلم.
قوله: (وقيل: ﴿مِنْ أَصْحَابِ القُبُورِ﴾ بيان القبور)، وعلى الأول: متعلق بـ ﴿يَئِسُوا﴾، وقال صاحب "الكشف": ذكرهما أبو علي.


الصفحة التالية
Icon