﴿وإذْ﴾ منصوب بإضمار "اذكر"، أو: وحين قال لهم ما قال كان كذا وكذا، ﴿تُؤْذُونَنِي﴾ كانوا يؤذونه بأنواع الأذى من انتقاصه وعيبه في نفسه، وجحود آياته، وعصيانه فيما تعود إليهم منافعه، وعبادتهم البقر، وطلبهم رؤية الله جهرة، والتكذيب الذي هو تضييع حق الله وحقه، ﴿وقَد تَّعْلَمُونَ﴾ في موضوع الحال، أي: تؤذونني عالمين علمًا يقينا ﴿أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ﴾ وقضية علمكم بذلك وموجبه تعظيمي وتوقيري، لا أن تؤذوني وتستهينوا بي؛ لأن من عرف الله وعظمته عظم رسوله، علمًا بأن تعظيمه في تعظيم رسوله،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كانوا يؤذونه بأنواع الأذى) إلى قوله: (وطلبهم رؤية الله جهرة)، أراد أن قوله: ﴿لِمَ تُؤْذُونَنِي﴾ إنكار لمطلق الإيذاء، فيصح حمله على الإيذاء في الدين وفي النفس، ولذلك أوقع قوله: ﴿وقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ﴾ حالًا مقررة لجهة الإنكار، وفسره المصنف بقوله: "وقضية عملكم بذلك وموجبه تعظيمي وتوقيري، لا أن تؤذوني وتستهينوا بي، لأن من عرف الله وعظمته عظم رسوله".
وذكر الواحدي: ﴿لِمَ تُؤْذُونَنِي﴾ يعني حين رموه بالأدرة. وهو المراد بقوله: "من انتقاصه وعيبه"، وأما الكلام في طلب الرؤية فانتهاز لفرصة التعصب.
وبيان النظم: هو أن الله تعالى لما وبخ المؤمنين الذين ما وفوا بما عاهدوا، وأخلفوا المواعيد تمهيدًا وبساطًا، لقوله: ﴿إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ﴾ حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص في القتال، حذرهم مما لقي قوم موسى من إزاغة القلوب، والحرمان من التوفيق بسبب الأذى، ومما ارتكب قوم عيسى بعد مجيئه بالبينات، من تكذيبه وقولهم فيه: ﴿هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾، ألا ترى كيف جمع الكل في قوله: {ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon