[﴿ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وهُوَ يُدْعَى إلَى الإسْلامِ واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ٧]
وأي الناس أشد ظلمًا ممن يدعوه ربه على لسان نبيه إلى الإسلام الذي له فيه سعادة الدارين، فيجعل مكان إجابته إليه افتراء الكذب على الله، بقوله لكلامه الذي هو دعاء عباده إلى الحق: هذا سحر، لأن السحر كذب وتمويه.
وقرأ طلحة بن مصرف: (وهو يدعي)، بمعني: يدعى، دعاه وادعاه، نحو: لمسه والتمسه. وعنه: يدعي، بمعنى يدعو، وهو الله عز وجل.
[﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ واللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ﴾ ٨]
أصله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا﴾ [التوبة: ٣٢] كما جاء في سورة براءة، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن السحر كذب وتمويه)، فيه إشعار بهذه الآية بقصة عيسى عليه السلام، وقولهم في الآيات البينات: ﴿هَذَا سِحْرٌ مَبِينٌ﴾ مكرًا وتمويهًا، وإخفاء للحق الجلي.
وقلت: وفي إيقاع الإسلام مقابلًا لافتراء الكذب، إيذان باتصالها بقصة محمد صلوات الله عليه، وأن ذكر الإسلام كالتخلص من القصة إلى القصة، ولذلك ذيلت الآية بقوله: ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ كأنه قيل: قد علم ظلم أولئك الكفرة بروح الله، وما أرادوا به من المكر والكيد، وعرف أن الله ما هداهم إلى ما أرادوا، بل خذلهم الله ونصر أولياءه كما قال تعالى: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ فما ظلم هؤلاء الكفرة لحبيب الله، وما مكرهم به، وكيف يفعل الله به وبهم، قيل: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ واللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ إلى آخر الآيتين.
قوله: ("وهو يدعي" بمعنى: يدعى)، قال ابن جني: قرأ طلحة بن مصرف: "وهو يدعى إلى الإسلام"، والظاهر: يدعي الإسلام، لكن لما كان معنى "يدعي الإسلام": ينتسب إليه، قال:


الصفحة التالية
Icon